كُن لمّاحا للجمال فقط
يقول الشيخ الدكتور محمد العريفي ..
بعض الناس يتحمس كثيرا لأن يكون لماحاً.. فلا يكاد يسكت عن الملاحظة و الثناء.. لكنهم قالوا قديماً:
الشيء أذا زاد عن حده.. انقلب إلى ضده.. و من تعجل الشيء قبل أوانه.. عوقب بحرمانه ..
فكن لماحاً للأشياء الجميلة الرائعة.. التي يفرح الشخص برؤية الناس لها .. و ينتظر ثناءهم عليها ..
و يطرب لسماع ألفاظ الإعجاب بها .. أما الأشياء التي يستحي من رؤيتها.. أو يخجل من ملاحظتها
فحاول أن تتعامى عنها..
مثلا: دخلت بيت صاحبك فرأيت الكراسي قديمة..
فانتبه من أن تكون من الثقلاء الذي لا يكفون عن تقديم اقتراحات لم تطلب منهم..
انتبه من أن يفرط لسانك بقول : لماذا ما تغير الكراسي ؟! الثريات نصفها ما يشتغل..!!
لماذا لا تشتري ثريات جديدة !! دهان الجدران قدييييييم .. لماذا لا تدهنه بألوان جديدة!!
يا أخي هو لم يطلب منك اقتراحات .. ولست مهندس ديكور اتفق معك على أن يستفيد من آرائك..
ابق ساكتاً.. لعله لا يستطيع تغييرها.. لعله يمر بضائقة مالية ..
لعله ليس أثقل على الناس ممن يحرجهم بالنظر إلى ما يستحون منه..
ثم يثيره و يبدأ في التعليق عليه..و مثل ذلك .. لو كان ثوبه قديماً ..
أو مكيف سيارته متعطلاً..
قل خيراً او اصمت..
ذكروا أن رجلاً زار صاحباً له فوضع له خبزاً و زيتاً.. فقال الضيف :
لو كان مع هذا الخبز زعتر !! فدخل صاحب الدار و طلب من أهله زعترا للضيف فلم يجد .. فخرج
ليشتري ولم يكن معه مال ..! فأبى صاحب الدكان أن يبيعه بالآجل ..
فرجع و اخذ مطهرته ( وهي الإناء الذي يضع فيه الماء ليتوضأ منه) فخرج بها و دفعها لصاحب
الدكان - رهنا - حتى إذا لم يسدد له قيمة الزعتر يبيع صاحب الدكان المطهرة و يستوفي الثمن
لنفسه ..ثم اخذ الزعتر و رجع به إلى ضيفه.. فأكل ..
فلما انتهى الضيف من الطعام قال : الحمد لله الذي أطعمنا و سقانا.. و قنعنا بما آتانا ..
فتأوه صاحب الدار تأوه الحزين و قال : لو قنعك الله بما آتاك.. ما كانت مطهرتي مرهونة !!
و كذلك لو زرت مريضاً فلا تردد عليه : أووووه ..
وجهك أصفر .. عيناكِ زائغتان .. جلدك يابس ..
عجباً !! هل أنت طبيبه؟
قل خيراً أو اصمت ..
ذكروا أن رجلاً زارَ مريضاً.. فجلَسَ عنده قليلاً ..
ثمَ سأله عن علته .. فأخبره المريض بها .. وكانت علة خطيرة ..
فصاح الزائر: آآآآ .. هذه علة أصابت فلاناً صاحبي فمات منها ..
وأصابت فلاناً صديق أخي ولا يزال مقعداً منها حتى مات.. و أصابت فلاناً جار زوج أختي و مات ..
و المريض يستمع إليه و يكاد أن ينفجر ؟؟
فلما أنهى الزائر كلامه و أراد الخروج التفت إلى المريض وقال : هاه ... توصيني بشيء ؟
قال المريض : نعم .. إذا خرجت فلا ترجع إلي ... وإذا زرت مريضاً فلا تذكر عنده الموتى ..
وذكروا كذلك أن امرأة عجوزاً مرضت عجوز صديقة لها..
فجعلت هذه العجوز تلتمس من أبنائها واحداً واحداً أن يذهبوا بها لتلك المريضة لزيارتها
و هم يتعللون و يعتذرون .. حتى رضي أحد أبنائها على مضض .. وذهب بها بسيارته ..
فلما وصل بيت العجوز المريضة نزلت أمه و جعل ينتظرها في سيارته ..
دخلت الأم على المريضة فإذا هي قد تمكن منها المرض ..
فسلمت عليها و دعت لها فلما مشت خارجة مرت ببنات المريضة وهن يبكين في صالة البيت ..
فقالت بكل براءة : أنا لا يتيسر لي لمجيء إليكن كلما أردت ..
وأمكم مريضة ويبدو لي أنها ستموت .. فأحسن الله عزاءكم من الآن .. !!
فانتبه يا لبيب .. كن لماحاً لما يفرح و يسر .. لا لما يحزن
و اذا اضطررت للمح السيئ..كوسخ الثوب أو رائحه سيئه ..فأحسن التنبيه ...وكن لطيفا ذكيا
مما تصفحت